سوريا 360 – الحسكة
تحتجز قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، مئات النساء والأطفال، والكثير منهم أقارب مقاتلي تنظيم الدولة الأجانب، في مخيمي الهول وروج في شمال شرقي سوريا وبعضهم ولد فيه.
ومنذ سقوط ما سُمي بـ “الخلافة” عام 2019 تقطعت السبل بالآلاف من مقاتلي التنظيم الأوروبيين وعائلاتهم في سوريا والعراق. وحتى الآن، لا تزال العواصم الأوروبية مترددة في استعادة مواطنيها وأطفالها المولودين في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة قبل أن تؤول إلى قوات سوريا الديموقراطية، لكن الخبراء يحذرون من أن التقاعس عن العمل قد يكون أكثر خطورة على المدى الطويل.
ويستضيف مخيما “روج” الذي يسكنه 3600 نسمة، ومخيم “الهول” الذي يسكنه 40 ألف نسمة، في صحراء شمال سوريا قرب الحدود العراقية، بشكل رئيسي زوجات وأطفال مقاتلي تنظيم الدولة من أكثر من 50 جنسية، بينها الصينيون والروس والبوسنيون والبريطانيون والألمان والنمساويين.
وفد نمساوي
على مستوى التحرك النمساوي باتجاه هذه القضية استقبلت سلطات الأمر الواقع “مسد” في شمال وشرق سوريا يوم الجمعة وفداً رسمياً من الجمهورية النمساوية، حيث ناقش الجانبان تسليم أفراد من عوائل تنظيم داعش إلى الوفد النمساوي، وفق اتفاق رسمي بين الطرفين.
وأشار موقع INFOGRAT إلى أن الوفد النمساوي ضم “غونتر ريسنر”، نائب رئيس قسم الشؤون الأمنية في وزارة الخارجية النمساوية، والمستشار الأمني “أندرياس أدولر”.
طفلان وامرأتان
استعرض ممثلو سلطات الأمر الواقع خلال الاجتماع، الوضع السياسي والإنساني والأمني في شمال وشرق سوريا، مؤكدين رؤيتهم لحل الأزمة السورية من خلال نظام لامركزي يراعي التعددية الثقافية والإثنية في البلاد.
وأضاف المصدر أن الأوضاع في المخيمات التي تؤوي عوائل مقاتلي تنظيم الدولة تزداد سوءاً وتعقيداً، خاصة بعد وقف المساعدات الأمريكية لهذه المخيمات، مما شكّل عبئًا إضافيًا على إمكانيات الإدارة في تأمين الاحتياجات الأساسية للنازحين.
وفي ختام الاجتماع، سلّمت الإدارة الذاتية طفلين وامرأتين من عوائل تنظيم الدولة إلى الوفد النمساوي، وذلك بموجب وثيقة رسمية وُقّعت بين الجانبين، لتأمين عودتهم إلى النمسا.
وفي أواخر كانون الثاني/يناير الماضي أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بوقف المساعدات الخارجية الأمريكية مؤقتاً ومنها ما يخص مراقبة مخيمي “الهول” و”روج” الأمر الذي أثار الكثير من القلق في أرجاء العالم، ومن بين تلك الدول التي تواجه حالة من الضبابية سوريا، التي توجد فيها معسكرات وسجون لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية.
فجوة في المعلومات
وبحسب دراسة أجريت في يوليو/تموز 2019، من المقدر أن يكون حوالي 5500 شخص في المخيمات السورية والعراقية إما يأتون من دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، أو تم الحمل بهم وولادتهم هناك من قبل مواطنين من الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن هذه الأرقام قد تكون أعلى من ذلك بسبب بعض الفجوات الكبيرة في المعلومات المتاحة وعدم كفاية التقارير المقدمة من البلدان الفردية.
فرنسا تعيد 3 أطفال من سوريا
وأكثر من ثلث أعضاء تنظيم الدولة هم من الأطفال والنساء، ومن بينهم 371 على الأقل عادوا بالفعل إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وفي تقرير نشر الشهر الماضي، دعت لجنة الأمم المتحدة المعنية بسوريا ــ التي أنشئت في عام 2011 للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي ــ بلدان المنشأ إلى اتخاذ خطوات لتسجيل الأطفال المولودين في سوريا على الأقل، وإعادة القاصرين مع جنسيتهم، والامتناع عن تجريد الوالدين من جنسيتهم.
وكانت ردود الفعل من العواصم الأوروبية متباينة: فبعض البلدان، مثل بلجيكا ، وضعت الآن حدودا عمرية. في حين أشار آخرون إلى أنهم يريدون فقط إعادة الأيتام إلى وطنهم. وتخطط دول أخرى، مثل الدنمارك، لسحب الجنسية من المقاتلين الأجانب.
ونقل موقع euractiv عن كريستوف بولوسن، الخبير في القانون الدولي في معهد آسر والمركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي قوله: “بشكل عام، تظل الدول الأوروبية مترددة للغاية في إعادة مواطنيها إلى أوطانهم بشكل نشط، على الرغم من دعوات الخبراء والمنظمات الدولية”.
المعلومات الاستخباراتية
يعتقد باولوسن أن “التعاون على المستوى الأوروبي، على سبيل المثال من حيث تبادل المعلومات الاستخباراتية، سيكون ضروريا في هذا الصدد”، ويتابع: “لأن العائدين السابقين سوف يعودون في مرحلة ما إلى شوارع أوروبا، إما لأنه لا يمكن محاكمتهم بسبب عدم كفاية الأدلة – أو بعد قضاء عقوبتهم”.
وبدوره قال عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي جيروم ريفيير من التجمع الوطني اليميني المتطرف: “على الرغم من أن الوضع أصبح وحشيًا للغاية، إلا أنهم ظلوا على حالهم”.
وأضاف “إن تخصيص موارد كبيرة الآن لأشخاص اتخذوا القرار الحر بالعمل كإرهابيين يبدو لي أمرا إشكاليا وليس بالضرورة استخداما جيدا للمال العام”.
وبدلاً من ذلك، يرى ريفيير أنه من العدل والمشروع أن يتم تقديم الجرائم المرتكبة في سوريا إلى العدالة أيضاً في الأراضي ومن قبل السكان الذين عانوا منها، ولكن المهمة الأساسية للسياسة الأوروبية هي حماية مواطنيها.